القرصان والصياد٢٣
ابرقت السماء ورعدت وفتحت سدودها لتغسل الارض من الدنس .بلغت العاصفه ذروتها فى تلك اليله وكانها معركه رهيبه نشبت بين قوى الطبيعه .كانت السحب الهادره ن الراعده تزحف وتزحف الجحافل لتنذر كل طاغى مستبد انها الاقوى .كانت الاشجار تتمايل من ناحيه الى اخرى وكذلك الجندى الهجان كان يئن وتاوه على ظهر بعيره وقد لطمه الريح فاخفى وجهه فى عنق بعيره وما انيهم برفع راسه حتى يحمله فرع شجره ليسلمه الى الارض سطحيا يئن وقد تتطاير الوحل من حوله ليمطر به فيكسوه بحله من حما فيكون شبيها بمارد من طين وقد وقف يبحث عن بعيره الذى لاذ بالفرار وترك صاحبه نائما فى الوحل يسب ويلعن ويستغيث من هول العاصفه .
ظل الجند يتخبط فى بعضهم البعض .وما هى ساعات قليله حتى خلت الشوارع والحوارى من الهجانه فلجأ من نجا من العاصفه جريحا او فى ثوب من طين الى جدار يعصمه من لعنه السماء ولسعات الريح ،وما ان يميل الطقس نحو الاعتدال حتى يجمع الهجانه شتاتهم وينكصوا على اعقابهم بخفى حنين .
نظر عز الدين الى السماء فعدل عن خطته للخروج من البلده عدوا من فوق السطوح جاعلا منهاكبارى تنقله الى شاطئ حيث ترسو المراكب والقوارب التى لم يكن ليجد حرجا فى ان يستعمل احداهن للخروج من البلده بعيدا عن اعين الرقباء .ولكن عز الدين قد احس بما يعانونه الهجانه فى مثل هذه الطقس وقد خفت العاصفه من وجود ادواتها من الماء والريح الذى لابد ان يتحمله عز الدين فقد عقد العزم على الريح بعد ان عرف اقدام السلطه الطريق الى البلده .
صار عز الدين هائما على وجهه صابرا على لسعات الريح ،وهطول المطر يبلل ملابسه فكلت قدماه .كان عز الدين فى سيره ينصت بانتباه وقد استيقظت جميع حواسه اذ كان بين الفينه والفينه يهيأ اليه وقع اخفاف البعير خلفه .كانت الكواكب جمعاء تسبح فى ضوء القمر من خلف سحب كثيفه قد فصلت الافق عن الارض فصلا.
لقد لجأ كل حى الى مأواه ليحتمى فيه من هول العاصفه ما عدا عز الدين الذى كان تلفحه الريح فتصطك اسنانه .لم يكن ليعبا عز الدين بذلك كله ولم يشعر به فقد كانت حواسه تتهشم تحت ثقل الحزن الذى نزل بقلبه بسبب تركه بلده خوفا عليها من انتقام السلطه فردد قول الرسول الكريم :-
والله لانك لاحب البلاد ولولا خوفا عليك من القمع ما خرجت.
وفى طريقه الى الشاطىء لمح من بعيدجماعه من البحاره يسحبون مركبا قد لف شراعها وانزل من فوق ساريتها تجنبا من شده الرياح وصفيره الذى لم يكن ان تصل الى سمع عز الدين نداء البحاره وهم يسالون رب القوى والقدر والعون :-
الله...........الله.............الله
كانت تذوب فى عوامل الطبيعه كل الاشياء،ويبقى ما يدل على خالق الاشياء الله الله الله
وغدا لنا لقاء
عوض حميد
0 التعليقات:
إرسال تعليق